عرض المقال
ساندى والانتقام الإلهى
2012-11-02 الجمعه
اندهشت من الفرحة العارمة التى اجتاحت الإنترنت العربى -طبعاً العربى نسبة إلى من يستعملونه لا من اخترعوه- بمناسبة إعصار ساندى الذى أصاب أمريكا، خاصة نيويورك ونيوجيرسى! إجماع حماسى هستيرى على أن الإعصار انتقام إلهى من أمريكا، وهناك من تطرف وخصص أكثر وقال إنه انتقام إلهى من صناع الفيلم المسىء -وبالمناسبة هم ليسوا أمريكان!!- والدليل كلمة الله التى تحتل قلب الإعصار!
لماذا هذه الشماتة التى تديننا وتدمغنا بأننا بلا قلب وبلا إحساس؟ لماذا هذا التبنى لنظرية الانتقام الإلهى الذى يهبط فجأة ليدمر بلداً ويقتل سكانه وييتم أطفاله؟ الله هو العدل، «ولا تزر وازرة وزر أخرى»، وما نتبناه من نظريات الانتقام الإلهى تتنافى مع هذا العدل وهذه الرحمة، ربنا بيطبطب على عباده هذا هو ما نعرفه، بيحن عليهم هذا هو ما تعلمناه، لا يعرف غرائزنا الانتقامية ولا يثيبنا على تشفينا فى الآخرين.
نفس الكلام قاله د. زغلول النجار عن تسونامى التى ضربت دولة مسلمة هى إندونيسيا وفسر ذلك وقتها بأن تسونامى دمر منطقة الدعارة هناك!! برغم أن العشر قرى هى قرى غلبانة بائسة، وبرغم أن ثلث الضحايا هم من الأطفال الذين لا يعرفون دعارة ولا إعارة!! وتساءلنا وقتها هل أكبر دولة إسلامية سكاناً تستحق هذا الانتقام الإلهى من وجهة نظر الدكتور زغلول؟ أليس هناك فلاح إندونيسى يصلى أو عجوز إندونيسية تصوم وتدعو الله كل فجر؟!! لكن تقول لمين؟ إنها نظرية الانتقام الإلهى المسيطرة على العقول.
وأسال من يشمت ويتشفى فى الأمريكان وكارثة ساندى، هل فيروس سى الذى يصيب أكباد المصريين انتقام إلهى؟! هل أعلى نسبة سكر والتى تصيب السعوديين الذين يسكنون موطن الرسول ولا تصيب بنفس النسبة أبناء كوريا الذين لا يعرفون أى وحى أو رسول هى انتقام إلهى أيضاً؟! هل حريق خيام الحجيج وانهدام الجسر الذى حدث منذ سنوات قليلة هناك كان انتقاماً إلهياً من مسلمين يؤدون شعيرة الحج التى أمرنا بها الله كفريضة من الفرائض الخمس؟! برجاء الإجابة من أصحاب نظرية الانتقام الإلهى.
أمريكا فيها بوش المتطرف وفيها أيضاً من اخترع مصل شلل الأطفال الذى أنقذ أطفالنا، أمريكا فيها السلاح النووى الذى دمر هيروشيما وناجازاكى وفيها أيضاً سينما هوليود التى تمتعنا وكليفلاند التى تنقذ أجسادنا وقلوبنا، أنت يا من تشمت فى ثكلى وضحايا ساندى تأكل أربعة أرغفة من كل خمسة قمح أمريكانى!، قبل أن تشمت بطل تشحت.